• إصابات الحبل الشوكي



  • 06/09/2016

    إصابات الحبل الشوكي

    بقلم الرائد الطبيب رامي الأحمر

    أخصائي أول إصابات الحبل الشوكي/ الخدمات الطبية الملكية


    في كل دقيقة يتعرض شخص ما في العالم الى اصابة الحبل الشوكي

    تبلغ نسبة الاصابة بالحبل الشوكي في الأردن 18 حالة جديدة لكل مليون نسمة بالسنة الواحدة وتساوي تقريبا النسب العالمية وتنتج اصابة الحبل الشوكي عن اسباب رضية وغير رضية. من أهم الأسباب الرضية وأكثرها شيوعا حوادث السير يتلوها السقوط من الاماكن المرتفعة ثم حوادث اطلاق العيارات النارية في المناسبات المختلفه وحالات العنف وبدرجة أقل الحوادث الرياضية. اما الحالات غير الرضية فتنتج عن تضيق القناة الشوكية والانزلاقات الغضروفية الضاغطة، الأورام الحميدة والخبيثة والانتقالية،النزف الدموي ، التهابات الحبل الشوكي والتصلب اللويحي وتشوهات العمود الفقري.


    تنتج اصابة الحبل الشوكي نتيجة إصابة على مستوى الفقرات العظمية للعمود الفقري ، الأقراص الغضروفية مابين الفقرات, الأربطة او الحبل الشوكي نفسه حيث تعد اصابات الحبل الشوكي من الاصابات الشديدة المدمرة على مستوى الفرد والعائلة كونها تنتج عن حوادث خطيرة تؤدي الى اصابات جهازية معممة تؤثر على الأجهزة التنفسية، القلبي الدوراني ، الهضمي ، البولي والتناسلي, الهيكلي وغيرها ولابد من ذكر ان الغالبية العظمى من مصابي الحبل الشوكي هم من الذكور وفي الفئة العمرية (20-30)سنة بالاضافة للفئات العمرية الأخرى من أطفال وشيوخ.


    قبل سبعين عاما كانت اصابات الحبل الشوكي تعد داء لايمكن علاجه حيث كان المرضى يلقون حتفهم وحيدين وبدون عناية. بقي الحال كذلك حتى الحرب العالمية الثانية والتي تغيرت بعدها  مفاهيم واساسيات علاج ومتابعة مصابي الحبل الشوكي للعناية بمصابي الحبل الشوكي من الجنود، حيث بدء الطبيبان البريطاني الألماني الأصل Sir Ludwig Guttman والأمريكي Donald Munro  الملقب بوالد المشلولين بتأسيس طب اصابات الحبل الشوكي حيث غيروا مفهوم العناية بمصابي الحبل الشوكي واصبح بالامكان معالجة اصابات الحبل الشوكي حتى الشديدة منها وتوفير العناية والرعاية الصحية المناسبة وبالتالي ممارسة حياتهم بشكل اقرب مايكون للطبيعي.


    مازال الكثير من مصابي الحبل الشوكي يعانون من الأهمال وعدم توفير الرعاية الطبية المناسبة لهم في أغلب بلدان العالم، حيث أن العناية الطبية اللازمة لهم ما تزال احدى اعقد التحديات الطبية والتي تتطلب مهارات تنسيقية عالية ما بين مختلف التخصصات والتي تنتهي بالعلاج الطبي التأهيلي الشامل ومتابعة مدى الحياة للمرضى والذي يأخذ بعين الإعتبار النواحي الطبية والعلاجية و الجراحية والنفسية والإجتماعية بالإضافة الى توفير الأجهزة  المساندة بواسطة فريق طبي متكامل يعمل بروح الفريق الواحد ابتداء من أطباء التأهيل والتخصصات الأخرى الجراحية والباطنية، الممرضين المتخصصين، المعالجين الحكميين، المعالجين الوظيفيين، المعالجين السلوكيين والنفسيين ، الباحثين الإجتماعيين بالاضافة الى التغذية السريرية حيث يعمل جميعهم لهدف واحد وهو تخفيف معاناة المرضى وتمكينهم من الأعتماد على الذات وزيادة الأمل لديهم واعادة دمجهم بالمجتمع المحلي.


    من المؤسف أن الكثير من مصابي الحبل الشوكي لا يتلقوا العلاج المناسب حتى وقتنا الحاضر بالشكل الأمثل ومازالوا يتعرضوا لزيادة حالتهم سوء عن طريق نقل المريض بشكل غير صحيح بمساعدة المارة ( الفزعه )، وعدم انتظار مساعدة الكوادر الطبية المختصة كمرتبات الدفاع المدني او الإسعاف لنقل المريض الى أقرب مستشفى.


    تكمن المشكلة الحقيقية في نقص الوعي والتدريب الطبي باصابات الحبل الشوكي حتى بين الكوادر الطبية لعدم تلقيهم التدريب الصحيح اضافة الى الأخطاء الطبية في التشخيص الصحيح للحالة او الجراحة الخاطئة وعدم تلقي التأهيل الطبي الأمثل في مركز متخصص وعدم إدراج طريقة علاج هذه الاصابات بالشكل الصحيح ضمن فريق طبي تأهيلي شامل متعدد الاختصاصات ضمن المساقات والمناهج التعليمية في الجامعات والحياة العملية والحاجة الى مراكز متخصصة للتعامل مع هذه الاصابات رغم عدم توفرها بشكل كافي لتغطية العدد المتزايد من المصابين بسبب تغير طبيعة الحياة وزيادة حوادث المرور والأسباب الأخرى.


    تم تأسيس وحدة اصابات الحبل الشوكي في الخدمات الطبية الملكية بمبادرة ملكية من جلالة المغفور له المك حسين بن طلال عام 1983 كأحد الأقسام الرئيسية لمركز التأهيل الملكي في مدينة الحسين الطبية لتكون الوحدة الوحيدة المتخصصة لاصابات الحبل الشوكي وتأهيلها ولتستقبل كافة الحالات من داخل المملكة وخارجها من الدول العربية الشقيقة، حيث تعتمد على مبدأ التأهيل الشمولي والفريق الطبي متعدد الاختصاصات  وليكون لها موقع مميز على الخارطة العالمية لتكون مرجعا لمنظمة اصابات الحبل الشوكي العالمية ومنظمة الصحه الدولية للمنطقة العربية بأكملها.


    لابد لنا من العمل على زيادة الوعي باصابات الحبل الشوكي وتدريب الكوادر الطبية خاصة مزودي الرعاية الطبية الأولية من مرتبات الدفاع المدني والأسعاف وأقسام الطواريء و الاختصاصات الأخرى للتعامل مع مثل هذه الحالات بشكل مهني عالي و بروح الفريق الواحد  لتقليل المضاعفات المستقبلية وإعادة المصاب الى أقصى درجة ممكنة من الاعتماد على الذات في كافة النواحي الصحية، النفسية، الاجتماعية، الفيزيائية، العقلية حتى يكون عضو منتج وفاعل في مجتمعه ولا يكون عالة على المجتمع بشكل عام وأسرته بشكل خاص علماً بان الغالبية العظمى من المصابين هم في سن الشباب.