التطهيروالتعقيم ... فروقات وغايات
تعتبر الكائنات الحية الدقيقة حيوية بالنسبة للسلسة الغذائية في المحيط الحيوي ،
حيث انها تعمل كمحللات للغذاء ، ويحتوي جسم الانسان على نحو 2 كيلوجرام من
الكائنات الحية الدقيقة المفيدة ، والتي تساعد الجسم على هضم الطعام والاستفادة
منه . كما يغطي بعضها جلد الانسان ويقاوم كائنات اخرى ضارة للإنسان ويمنعها من
النفوذ الى داخل الجسم . كما أن بعضها له القدرة على تثبيت النيتروجين ، فهي مهمة
جدا بالنسبة لدورة النيتروجين . ومن جهه اخرى فبعض انواعها يسبب المرض حيث يهاجم
الكائنات الحية الاخرى وقد يصيب الانسان ، وتؤدي الكائنات الحية الدقيقة لوفاة الملايين من
الناس حول العالم كل عام .
لذا ، تعد عمليات التخلص من الكائنات الحية الدقيقة
الضارة ( المسببة للأمراض ) سواء بالتنظيف او التطهير او التعقيم عمليات جوهرية
ومهمة لإستمرار الحياة على الكوكب . لكن ما هي الفروقات بين عملية التنظيف وعملية
التطهير وعملية التعقيم وما هي الغايات المنشودة من هذه العمليات .
ان المقصود
بعملية التنظيف ( DECONTAMINATION )هي الإزالة الفيزيائية للأجسام الغريبة او
الفضلات من على اسطح المواد والادوات ويمكن الاعتماد فيها على مواد منظفة ( DETERGENTS
)تساعد في ذلك
او اجهزة كأجهزة الذبذبات الفوق صوتية (
ULTRASONIC CLEANER ) وتعد عملية التنظيف الخطوة الاولى والأهم التي تسبق
عملية التطهير وعملية التعقيم ، حيث انك لن تستطيع الحصول على مادة معقمه ما لم
تكن نظيفة .
اما فيما يتعلق بعملية التطهير( DISINFICTION ) ورغم شيوع تشابهها بعملية التعقيم ، إلا ان الفروقات
بين العمليتين كبير جدا من حيث الإجراءات والنتائج ، حيث تعرف عملية التطهير بأنها
عملية يتم فيها قتل معظم وليس كل الكائنات الحية الدقيقة وبطرق شتى منها
الكيميائية ومنها الحرارية .
إلا ان عملية التعقيم ( STERILIZATION ) تختلف وتعد
أكثر شمولا ، حيث يتم من خلال عملية التعقيم قتل وإبادة كل الكائنات الحية الدقيقة
بما فيها البكتيريا المتحوصلة والابواغ البكتيرية ( SPORES ) . لذا فإنه ومن خلال عملية التعقيم الناجحة فإنه يتم
إبادة كل أشكال الحياة الدقيقة من على المواد والادوات ، وليس كما في عملية
التطهير حيث ان العديد من الكائنات الحية الدقيقة والتي تسمى " الكائنات
الحية الدقيقة الاكثر مقاومةHIGH RESISTANCE " تبقى حية بعد تعرضها لعملية التطهير .
لذا فقد أوجدت
المنظمات الصحية العالمية تصنيفا واضحا للأدوات لإستبيان الحاجة لتعقيمها او
تطهيرها او الإكتفاء بتنظيفها واعتمد هذا التصنيف على غاية استخدام الادوات ومدى
ملامستها لأعضاء الجسم ، فعلى سبيل المثال
تعتبر الادوات المستخدمة في العمليات الجراحية والتي تلامس الانسجة الداخلية لجسم
الانسان والأوعية الدموية ادوات حرجة ، لذا فإنها بحاجة لتعقيم . بينما تعتبر
الأدوات المستخدمة في الجهاز التنفسي والتي تلامس الاغشية المخاطية فقط ولا تتعدى
ذلك كقناع التنفس مثلا ادوات شبة حرجة ، وفي هذه الحالة يعتبر التطهير امر
كاف . اما بالنسبة للأدوات التي تلامس
الجلد الخارجي لجسم الانسان فقط فتصنف بأدوات غير حرجة ويكتفى بتنظيفها فقط دون
الحاجة لتطهيرها او تعقيمها .
ومن الضروري ايضا ادراك ان هناك مستوى مقاومات
مختلف للكائنات الحية الدقيقة ، فبعض
الكائنات الحية الدقيقة ومسببات الامراض تعتبر ذات مقاومة ضعيفة مثل فيروس التهاب
الكبد وفيروس الايدز والتي يمكن القضاء عليها بسهوله إذا ما تم مقارنتها بالكائنات
الحية الدقيقة ذات المقاومة العالية كالبكتيريا المتفطرة والتي تسبب مرض السل ،
وكذلك تعتبر البكتيريا موجبة الجرام اقل مقاومة من البكتيريا سالبة الجرام.
يمكن إتمام عملية التطهير بشروط يسرة نوعا ما ( مقارنتا
بعملية التعقيم ) سواء عن طريق استخدام مواد كيميائية او من خلال تعريض الادوات
والمواد لدرجة حرارة معينة ولفترة زمنية معينة ( فترة التعريض EXPOSURE TIME ) وبتانسب عكسي ، اي انه كلما زادت درجة الحرارة
قل وقت التعريض اللازم .
بينما تعد عملية التعقيم اكثر تعقيدا وتحتاج لتوافق شروط
عديدة ، وهناك وسائل عديدة لتعقيم الادوات والمواد كالتعقيم بواسطة غاز الايثلين
اوكسايد ETHYLENE OXIDE GAS وهو غاز سام ،
او بالية التعقيم بالبلازما PLASMA ، او من خلال الطريقة الاكثر
استخداما وشيوعا وهي التعقيم بالبخار المضغوط STEAM UNDER PRESSURE من خلال تعريض الادوات لدرجة حرارة معينة
وبضغط بخار معين ولمدة معينة ، لذا فإن الحصول على مواد وادوات معقمة ليس بالشيء
الهين ولا يمكن تحقيقه دون وسائل حديثة وامنه وضمن اجراءات دقيقة جدا ، اضافة
للحاجة الى دلائل ملموسة لإستبيان نجاح عملية التعقيم .
نحن في مستشفيات ومراكز الخدمات الطبية الملكية نستخدم
احدث التكنولوجيا المتاحة عالميا في وحدات التعقيم المركزية والتي تسمح لنا بتنظيف
وتطهير وتعقيم الادوات الجراحية والمستلزمات الطبية بطريقة مثالية وضمن نظام تتبع
يضمن الحصول على افضل النتائج مع العديد من الفحوصات والاختبارات الخاصة التي يتم
اجرائها بشكل دوري ويوميا لضمان جودة عملية التعقيم . ومن خلال التزامنا الكامل
بالمعايير العالمية التي تضعها المنظمات العالمية كمنظمة الصحة العالمية وادارة
الغذاء والدواء ومتابعة تأهيل وتطوير الكوادر من خلال دورات تخصصية ذات مستوى عالي
تتيح للكوادر مواكبة اخر المستجدات العلمية في علوم التعقيم وذلك للحفاظ على جودة
عملية التعقيم وبالتالي ضمان سلامة المرضى والمجتمع ككل .
نقيب اخصائي تعقيم - سامي رضوان ابوحمودة